تحقيق لـ"نيويورك تايمز": أبوظبي دعمت قوات «حميدتي» بأسلحة ثقيلة عبر تشاد

تحقيق لـ"نيويورك تايمز": أبوظبي دعمت قوات «حميدتي» بأسلحة ثقيلة عبر تشاد

كشف تحقيق أممي عن قائمة معدات عسكرية وأسلحة أرسلتها دولة الإمارات لمليشيات قوات الدعم السريع في السودان بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي"بغرض نشر الاقتتال الداخلي في البلاد.

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إنها حصلت على نسخة من التقرير الأممي السري يستعرض مجموعة تفاصيل جديدة عن الكيفية التي هرّبت بها الإمارات الأسلحة القوية إلى قوات الدعم السريع، وذلك عبر دولة تشاد في الصيف الماضي.

وبحسب التحقيق تشمل تلك الأسلحة الطائرات المسيّرة المسلحة، ومدافع هاوتزر، والصواريخ المضادة للطائرات التي تم إرسالها عبر رحلات شحن سرية وطرق تهريب صحراوية.

وأضاف "قد عززت تلك الإمدادات قدرات قوات ميليشيات الدعم السريع لتتمكن من تحقيق سلسلة انتصارات متتالية غيّرت مسار الاقتتال الداخلي في السودان في الأشهر الأخيرة".

وذكر التحقيق أنه “كان للقوة النيرانية الجديدة التي حصلت عليها قوات الدعم السريع تأثير هائل على موازين القوى، سواءً في دارفور أو المناطق الأخرى داخل السودان”.

ويقول الخبراء إن أبوظبي تستغل ثرواتها الكبيرة وأسلحتها المتطورة لتوجيه مسار هذه المنطقة المضطربة من أفريقيا، التي ابتُلِيَت بالصراعات لكنها تتمتع بثروات طبيعية هائلة وساحل ممتد على البحر الأحمر.

ويُمكن القول إن دوافع أبوظبي غامضة، حيث يشير الخبراء هنا إلى رغبة أبوظبي في صفقات الموانئ والأراضي الزراعية، وذلك داخل جزء من أفريقيا تنظر إليه بدرجةٍ متزايدة على أنه باحتها الخلفية الاستراتيجية. كما يتحدثون عن عدائها قديم الأزل مع القوى الإسلامية أيضاً.

لكن أحدث تقارير الأمم المتحدة، الذي أعده خبراء يراقبون حظر الأسلحة المفروض على دارفور عام 2005، يسلط الضوء على تكلفة تلك الطموحات.

إذ يوثق التقرير أحداث عنف واسعة النطاق ضد المدنيين رافقت تقدم قوات الجنرال حمدان، وضمن ذلك المذابح، والقصف، والتقارير عن مئات حالات الاغتصاب التي تذكرنا بالإبادة الجماعية المرتكبة في دارفور قبل عقدين من الزمن.

ولا شك أن نمط تلك الفظائع قد دفع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى اتهام قوات الدعم السريع رسمياً بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وتطهير عرقي في السادس من ديسمبر الماضي.

وبعدها بأسابيع، كان حميدتي على متن طائرة بوينغ تابعة لشركة Royal Jet، التي يديرها أحد مستشاري محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وفق ما أورده تقرير نيويورك تايمز.

وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن حميدتي ليس رئيساً لبلاده، فإنه قائد فرقة شبه عسكرية سيئة السمعة تحارب من أجل السيادة في حرب السودان الأهلية، ومع ذلك، حظي بمعاملة الرؤساء خلال جولته السريعة الأخيرة التي زار فيها ست دولٍ أفريقية.

وأشارت الصحيفة، أن مجموعة من أكثر قادة القارة نفوذاً فرشوا السجادة الحمراء أمام الجنرال حمدان، إثر وصوله على متن طائرة فاخرة لعقد الاجتماعات أواخر شهر ديسمبر ومطلع يناير، وذلك بعد أن استبدل بدلة رجال الأعمال بزيه العسكري.

وكانت الجولة المفاجئة بمثابة عودةٍ بارزة للقائد الذي انتشرت العديد من الشائعات حول وفاته أو إصابته منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل. بينما تتقدم قوات الدعم السريع التي يقودها حمدان بطول السودان، لتتغلب على الجيش النظامي للبلاد وتجبره على التراجع أمامها.

ويرجع الفضل في ذلك بدرجةٍ كبيرة إلى الدعم العسكري الذي تحصل عليه تلك القوات من الإمارات، الدولة النفطية الخليجية التي تبرز كصانعةٍ للعروش في منطقة القرن الإفريقي، بحسب ما أورده تقرير جديد لمحققي الأمم المتحدة.

وفي أوائل ديسمبر الماضي، أعلنت إدارة بايدن أن نائبة الرئيس، كامالا هاريس، قد أثارت مسألة الحرب في السودان بشكلٍ مباشر مع الشيخ محمد بن زايد، وذلك على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ.

وخلال أعياد الميلاد، أثار مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، الموضوع بقوةٍ أكبر خلال مكالمةٍ هاتفية مع نظيره الشيخ طحنون بن زايد، وفقاً لمسؤولٍ أمريكي كبير اطلع على المكالمة لكنه رفض كشف هويته؛ لمناقشته محادثات خاصة.

 

وقال العديد من المشرعين الأمريكيين إن الجهود المبذولة تأتي على استحياء شديد، وبينهم بعض كبار المسؤولين في إدارة بايدن الذين أعربوا عن ذلك سراً.

وقد حمّل هؤلاء وزارة الخارجية المسؤولية عن الإخفاق في التوصل إلى خطة لإنهاء الصراع، رغم الجهود الدبلوماسية المبذولة منذ أشهر لإنهاء الحرب، إلى جانب السعودية.

وفي 7 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قالت الأمم المتحدة، إن أكثر من 12 ألف شخص قتلوا في الحرب الدائرة بين الجيش "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل الماضي.

وما زالت الحرب مستمرة بين الطرفين السودانيين، دون أن تفلح جهود سعودية أمريكية وأخرى إفريقية بقيادة الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" في وضع حد للنزاع الذي خلف أوضاعا إنسانية صعبة بعد امتداده إلى 9 ولايات من أصل 18.

الكاتب