رجُل "بن زايد" بواشنطن "العتيبة" يُسيء للإمارات بنشاطاته المشبوهة دولياً!

رجُل "بن زايد" بواشنطن "العتيبة" يُسيء للإمارات بنشاطاته المشبوهة دولياً!

لا يخفى على أحدٍ في السنوات الأخيرة، تضخم الدور الذي تلعبه حكومة الإمارات بالمنطقة والعالم من خلال أذرعها في كل مكان، و"يوسف العتيبة" السفير الإماراتي أحد هذه الأذرع، وأكثرها إثارة للجدل والانتقاد.

فقد نشر "ريان غريم" رئيس مكتب واشنطن بموقع "إنترسيبت" تقريراً عن النشاط الإماراتي في الولايات المتحدة، والمتمثل في تحركات دبلوماسية من السفير الإماراتي في واشنطن "العتيبة".

وقال "غريم" إن الإمارات العربية المتحدة التي نجتْ من التدقيق الذي تعرضت له السعودية بعد مقتل الصحافي المعروف "جمال خاشقجي" عادتْ إلى لعبة التأثير في واشنطن وكأنَّ شيئًا لم يحدث.

وكتب قائلاً: (إنَّ الرجل المسئول عن رفع مكانة "محمد بن سلمان" كولي للعهد قد نجا من التدقيق في أعقاب مقتل وتقطيع معلق صحيفة "واشنطن بوست" جمال خاشقجي).

وبالنسبة لرجل الإمارات في واشنطن تمضي الحياة كما هي، حيث يخطط "العتيبة"، الدبلوماسي الذي قام بحملة قوية في واشنطن لدعم ابن سلمان وجهوده لتغيير مسارِ الوراثة في المملكة، وعندما أصبح "محمد بن سلمان" وليًّا للعهد في حزيران/ يونيو 2017م، ومضى في جهوده الشرسة لمراكمة السلطة بين يديه في الأشهر التي أعقبت ذلك، أومأت المؤسسة في واشنطن بالقَبول والإيجاب وقدمته على أنه إصلاحي.

وبحسب الدعوة التي حصل عليها موقع "إنترسيبت"؛ أقام السفير حفلة للسيدة "بيني برتزكر"، وزيرة التجارة السابقة في عهد "باراك أوباما"، بصفتها رئيسا لوقفية كارنيغي للسلام العالمي.

ويقول الكاتب إن المآدب التي يقدمها يوسف العتيبة معروفة في واشنطن، وتعد المناسبة كما يقول جزءاً من محاولة الإمارات شراء التأثير في واشنطن، من خلال التودد وتدليل النخبة الأكثر تأثيراً في أمريكا، وبدأ العتيبة منذ عام 2015م باستخدام علاقاته ورؤسائه لتسهيل الطريق أمام "م ب س" كما يُعرف اختصاراً لاسم ولي العهد، الذي كان وزيرا للدفاع من أجل أن يصبح وليا للعهد، وأكد ولي عهد أبو ظبي "محمد بن زايد" والمعروف بـــ (م ب ز)، وهو الرئيس المباشر للعتيبة أكد أنَّ وصول "م ب س" إلى منصب ولي العهد سيكون مفيداً للإمارات خاصة إنه استطاع أخذ المنصب من ولي العهد (السابق) الأمير محمد بن نايف، واعتقدت الإمارات أن وصول "م ب س" إلى السلطة سيعطي دولة صغيرة قدرة التأثير على دولة أكبر!.

وفي رسالة إلكترونية للعتيبة وضّح فيها استراتيجية الإمارات لتبنّي "م ب س" قال فيها: (علاقتنا معهم قائمة على عمق استراتيجي ومصالح مشتركة وأكثر من هذا الأمل بالتأثير عليهم وليس العكس).

وكانت الرسالة جزءًا من مجموعة مراسلات تم تسريبها من صندوق الوارد في حساب العتيبة، إما من خلال قراصنة أم من خلال أشخاص لديهم طريقة للوصول إليها، وقد تم توزيعها على وسائل الإعلام، واتهمت الإمارات حكومة قطر بتسريب الرسائل إلى الصحف.

ويقول "غريم": (إنَّ العتيبة يُعد من أكثر الدبلوماسيين تأثيرا في واشنطن، بأساليبه المشبوهة، وللأسف يعامله عدد من صنّاع السياسة الأمريكية كمحكم في شؤون الشرق الأوسط، وكانت مصادقته على "م ب س" مهمة، فبدون الدعم الأمريكي كان مستحيلا عليه القفز فوق خط الوراثة في الرياض).

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2015م، قدم العتيبة "م ب س" إلى ديفيد بترايوس، الجنرال المتقاعد آنذاك، وكتب بترايوس رسالة إلكترونية للعتيبة قال فيها: (رؤية خارقة وصريحة، وبعضها ينفذ، ولو تحققت فستكون خارج العادة). فرد العتيبة: ("م ب ز" يشاركك الرأي)؛ في إشارة لولي عهد أبو ظبي.

والتقى ابن سلمان في آذار/مارس 2015م مع مارتن إنديك وستيفن هادلي، وعمل إنديك كمسئول بارز في إدارتي كلينتون وأوباما، أما هادلي فقد كان مستشارا للأمن القومي في عهد جورج دبليو بوش.

وكتب العتيبة إلى إنديك بتاريخ 20 نيسان/إبريل 2015م، يقول: "أعتقد أن -م ب س- ذرائعي أكثر من الموقف السعودي الرسمي"، فردَّ إنديك: "أوافقك أيضًا، فقد كان واضحا مع ستيف هادلي ومعي أنه يريد الخروج من اليمن، وأنه لا يعارض حملة الولايات المتحدة ضد إيران طالما تم تنسيقها مقدما وكانت الأهداف واضحة".
ثم ردَّ العتيبة: "لا أعتقد أننا سنرى زعيما أكثر براغماتية في ذلك البلد، ولهذا السبب فالتعامل معه مهمٌ، وسيؤدي إلى أهم النتائج التي ستخرج من السعودية).

وتُعتبَر سياسة "م ب س" الرئيسية هي الحرب التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن منذ أكثر من 3 أعوام، والتي تهدف إلى هزيمة المتمردين الذين احتلوا العاصمة بدعم من الرئيس السابق، وتوقعت إدارة أوباما ألا تستمر الحملة سوى عدة أسابيع وها هي تعدت عامها الثالث، وورطت قوات التحالف في مستنقع اليمن، وأنتجت الحرب أكبر كارثة إنسانية في العالم، ووباء كوليرا لم يشهده التاريخ الحديث.

ومع جمود ساحة المعركة، فقد كشفت عدة تقارير إعلامية أن السعودية تبحث عن مخرج من النزاع ولكن بشروط تحفظ ماء الوجه.

وبعد أيام من تبادل العتيبة وإنديك الرسائل حول اليمن؛ كتب المعلق في "واشنطن بوست" ديفيد إغناتيوس للعتيبة لكي يشاركه في مقاله الذي كتبه عن "م ب س"، فرد العتيبة: (أشكرك على الوقت الذي خصصته لمقابلة "م ب س". وكرجل يعرف المنطقة جيدا، يبدو من كلامك أنك بدأت ترى ما نقوله منذ عامين: التغيير! تغيير في المواقف والأسلوب والنهج. وأعتقد أننا نتفق أن هذه التغيرات في السعودية ضرورية، وأنا سعيد أنك بدأت ترى ما رأيناه وتقوم بشكل منتظم بنقله، وصوتك مع مصداقيتك عامل كبير من أجل جعل الناس العقلانيين يصدقون ما يحدث، ومهمتنا الآن هي عمل ما يمكننا عمله والتأكد من نجاح "م ب س").

ومن الأشياء التي قام بها العتيبة تقديم السعودية إلى شركة العلاقات العامة التي تمثل الإمارات في واشنطن، وهي "هاربور غروب"، والتي أخذت تمثل السعوديين. لكنها قررت وسط الجدل والفضائح بشأن قضية خاشقجي التوقف عن تمثيلهم، فيما لا تزال تعمل نيابة عن الإمارات.

ومع انتخاب دونالد ترامب أصبح العتيبة مقربا من صهر الرئيس جاريد كوشنر، حيث عرّف ابن سلمان عليه وأقاما العلاقة المعروفة، وبذل كوشنر جهده لإقناع ترامب بزيارة السعودية في أول رحلة خارجية له، وأخبر ابن سلمان من حوله إن كوشنر "في الجيب"، وأنه شاركه معلومات سرية تتعلق بالعائلة المالكة، وذلك حسب مصادر على علاقة مع العائلتين الحاكمتين في الإمارات والسعودية.
ومحاربته لقطر جعلت منه محبوباً أكثر لدى الحكومة الإماراتية لدرجة أنها تغاضت عن فضيحة تسرب المعلومات من بريده الإلكتروني، وأمرت بترقيته إلى درجة "وزير"، الأمر الذي أسعد "سلمان الأنصاري"، رئيس مجلس العلاقات السعودية الأمريكية، أو ما يُعرف بـ"سابراك"، حيث مدح السفير العتيبة وكتب تغريدة: "السفير يوسف العتيبة كان ومازال وسيكون دائما رمزا خليجيا وعربيا في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية؛ ولا عزاء لمن دفع الملايين لتشويه سمعته."

بينما يرى النشطاء الذين عارضوا تلك الترقية ونددوا بها في منابر التواصل الاجتماعي، أنَّ العتيبة سيبقى ينفث سموم محمد بن زايد في مائدة القرار الأمريكي، لما يصب في مصلحة أي طرف إلا العرب والمسلمين طبعاً!.
 

الكاتب