الدبلوماسية الإماراتية في أمريكا تواجه حملة تشكيك
ترجمة : ايماسك
يتحدث كبار المسؤولين الإماراتيين عن جهودهم الدبلوماسية في اليمن في الوقت الذي تتطلع فيه الأمم المتحدة إلى إبرام اتفاق سلام كما يستعد الكونغرس لفرض قيود جديدة على الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية.
ونشر موقع "المونيتور" الأمريكي تقريراً، يوضح جهود الإمارات واصطدامها بحائط من الشكوك من قِبل المشرعين الأمريكيين الذين يضغطون من أجل وقف الحرب.
وفي رسالة بعث بها إلى قادة الكونغرس في حزيران (يونيو) وراجعها المونيتور، كتب سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، أن القوات التي تقودها السعودية وتقاتل في اليمن تعطي الحوثيين المدعومين من إيران "أكبر فرصة ممكنة للانسحاب السلمي من ميناء الحديدة الاستراتيجي".
أكد العتيبة أيضا أن التحالف الذي تقوده السعودية، قد خزن ما يكفي من الغذاء لإطعام 6 ملايين اليمنيين لمدة شهر إذا تعطل المنفذ، الذي هو الطريق لثلاثة أرباع المساعدات الانسانية دخول البلاد.
رسالة العتيبة
ووصلت رسالة العتيبة إلى زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، ورئيس مجلس العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر، و15 مكتبًا آخر، بما في ذلك مجموعة من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين الذين انتقدوا إعادة تزويد الولايات المتحدة بالوقود للطائرات الإماراتية والسعودية، في الحرب الجوية ضد مليشيا الحوثي المتمردة.
لكن المشرعون ظلوا متشككين رغم الجهود الإماراتية اللاحقة.
في 23 يوليو / تموز، أصدرت لجنة الخدمات المسلحة في مجلسي النواب والشيوخ تشريعاً دفاعياً مشتركاً يلفت الانتباه إلى الأعمال الإماراتية عند مراجعة مشاركة الولايات المتحدة في الحرب في اليمن. ويطالب تقرير من البنتاغون تحديداً إطلاع الكونغرس عما إذا كانت قوات التحالف العربي أو الولايات المتحدة تنتهك القانون الفيدرالي أو سياسة البنتاغون، في حين يقيد قانون آخر إعادة تزويد الولايات المتحدة بالوقود في حملة اليمن ما لم تثبت الإمارات والسعودية الجهود لدعم محادثات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، ومعالجة الأزمة الإنسانية المتنامية وخفض الوفيات بين المدنيين.
التوسيع ليشمل الإمارات
قال أحد موظفي لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ لموقع "المونيتور" إن المشرّعين قد وسعوا شرط الشهادة إلى الإمارات -بعد أن كانت مقصورة على السعودية- بناء على تقييم بأنّ البلاد الخليجية ستلعب دوراً رئيسياً في حلّ النزاع في اليمن.
يقول الموقع الأمريكي: علنًا، يتولى العتيبة وريم الهاشمي، وزيرة التعاون الدولي في دولة الإمارات الجهود في الكونجرس والولايات المتحدة بشكل عام، في وقت يحاول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث الحصول على توقيعات سعودية وإماراتية وحوثية على خطة من 17 نقطة لإحلال السلام في البلد الذي مزقته الحرب.
وقالت باربرا ليف، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الإمارات، لموقع "المونيتور": "لقد أرادوا لمدة عامين أن يشهدوا عملية سياسية جديدة، هذه هي الطريقة التي يرون بها أن أهدافهم قد تحققت بالفعل، وليس ساحة المعركة."
يبدو أن هذه العملية سارت إلى الأمام في 23 يوليو/تموز، عندما غردت السفارة اليمنية في واشنطن أن الرئيس عبد ربه منصور هادي قد قَبل صفقة غريفيث من حيث المبدأ. لكن على الرغم من إعطاء عملية السلام دفعة عامة، إلا أن مصادر مطلعة على محادثات العتيبة مع قادة مجلس النواب ومجلس الشيوخ خلال الأسبوع الماضي تقول إن سمسار النفوذ الإماراتي يخفي قبضة حديدية داخل قفازه المخملي.
الضوء الأصفر
بعد أن منحت إدارة دونالد ترامب للإماراتيين "ضوءًا أصفرًا" للمضي قدمًا في عملية الحديدة دون مساعدة الولايات المتحدة الشهر الماضي، قال مصدران للمونيتور إن العتيبة أعرب عن توقعه بأن يقدم البنتاغون الدعم في حالة استئناف العمليات العسكرية.
وتعيد رسالة يونيو/حزيران إلى المشرعين التأكيد على الطلب الذي تقدمت به الإمارات للحصول على أدوات إزالة الألغام التي ستكون مطلوبة لاستئناف تدفقات البضائع العادية إلى الحديدة، أو لشن هجوم برمائي على المدينة. كما طلب العتيبة من الولايات المتحدة إدانة استخدام الحوثيين للأجهزة المتفجرة المرتجلة، والألغام البرية والبحرية.
كما التقى العتيبة والهاشمي مع نائب وزير الخارجية الأمريكي تيم لندركينج، وهو من كبار صناع السياسة الأمريكية في شؤون الخليج، حسبما قال مسؤول في وزارة الخارجية لموقع "المونيتور".
وقال مسؤول سابق إن الأمم المتحدة استخدمت المراكب الشراعية والسفن الصغيرة لإرسال المساعدات إلى جيبوتي في الأسابيع الأخيرة، حيث يخشى الشاحنون دخول الحديدة بسبب الألغام.
وشن العتيبة هجوماً حاداً على الولايات المتحدة الأسبوع الماضي في منتدى "أسبن" للأمن الذي يجمع صناع السياسة وخبراء الأمن القومي، حيث قلل من أهمية التأثير الأمريكي على صنع القرار الإماراتي في البلد الذي مزقته الحرب.
نقوم بذلك دون دعم
وقال العتيبة في لجنة استضافته في منتجع كولورادو روكي ماونتن: "ليس لدينا الكثير من الدعم لما نقوم به في اليمن الآن، لكننا نقوم بذلك على أي حال".
ولكن إذا كانت محادثات غريفيث - هي أول محاولة ناجحة لإيصال الحوثيين إلى طاولة المفاوضات منذ عام 2016 - مترددة، فليس من الواضح للخبراء أن الخطة الإماراتية لاستعادة الميناء ستنجح. وتجنب العتيبة والهاشمي تساؤلات بشأن جدول زمني للصفقة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في حدث أقيم بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن الأسبوع الماضي.
قال مسؤولان أمريكيان سابقان للمونيتور إنّ الإمارات العربية المتحدة تفقد حماسها بشنّ هجوم أماميّ ضدّ المدينة التي يقولون إنّ المدافعين الحوثيين عززوا وجودهم فيها، ويقطعون خطوط الإمداد التابعة للتحالف. وتقول المصادر إن القوات المناهضة للحوثيين غير مجهزة للحرب في المناطق الحضرية.
وقال مسؤول أمريكي سابق عن كتائب "تهامة"، وهي قوة محلية في معارك الحديدة: "في كل مرة ترى صورًا لهؤلاء الأشخاص، تصبح أكثر صلابة، إنهم يركضون مع الكلاشينكوف ويرتدون الصنادل".
ورفض مايكل نايتس، المحلل في بوسطن والذي كان متواجداً في الإمارات في وقت سابق هذا العام روايات بأن خطوط الإمداد الإماراتية في الحديدة قد خفّت في الأسابيع الأخيرة. ولكنه اعترف قائلاً: "كلما طالت المدة، كلما زادت صعوبة إعادة تفعيل الهجوم".
كما أشار تقييم للأمم المتحدة صدر في يناير / كانون الثاني إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تفضلان التوصل إلى اتفاق يقرّ دوليا للتوسط في إنهاء النزاع. قيمت الأمم المتحدة أن الحوثيين رأوا فائدة أكبر في مواصلة القتال.
وفي حديثه في "أسبن" الأسبوع الماضي، بدا أن العتيبة يشير إلى معضلة مركزية لدولة الإمارات العربية المتحدة في النزاع: حرص على إنهاء القتال، مع التأكد من أن مقاتلي الحوثي لا يملكون موطئ قدم لإطلاق الصواريخ الباليستية التي تزودها إيران على الأماكن المقدسة الإسلامية في المملكة العربية السعودية.
وقال العتيبة "هدف معظمنا في التحالف هو الخروج من اليمن لكن لا يمكننا أن نسمح بوجود موطئ قدم إيراني على حدود مكة والمدينة".