لماذا تستمر الإمارات بالتراجع ضمن "أقوى جيوش العالم"؟.. قراءة في سوء الاستراتيجية
على الرغم من أن قوات الدولة منتشرة في أكثر من دولة وتتدخل في أكثر من حرب، وتثير النزاعات بأكثر من منطقة، إلا أنّ تصنيفها في قائمة أقوى جيوش العالم يستمر بالتراجع؛ ولا يبدو أنّ الدولة في كل الحالات ناجحة في القوة الخشنة كما هي فاشلة -أيضاً- في القوة الناعمة.
أصبحت الإمارات في جوار "اليمن" بفارق نقطة واحدة، واليمن التي لا تملك جيشاً نظامياً حقيقياً بسبب الحرب، فترتيب الدولة وفق مؤشر أقوى جيوش العالم لعام 2018 الصادر عن مؤسسة «جلوبال باور فاير» وصل إلى المرتبة (65) واليمن في المرتبة (66)!
فهل القوات المسلحة الإماراتية بهذا السُّوء؟! وإذا كان وضع الدولة كذلك فلماذا نشارك في حروب الأخرين وبدلاً عنهم؟! هل نريد أن نصبح دولة عظمى بلمح البصر؟! لماذا لا تكتفي الدولة بالتنمية والمشاكل الداخلية فقط بدلاً من تخصيص التركيز على الحروب الخارجية؟!
تُثار هذه التساؤلات وأكثر لأن الدولة قامت بصناعة خصوم في الجوار الجغرافي داخل مجلس التعاون، والدول العربية في الإقليم، والآن أصبح اسم الدولة يتردد في الولايات المتحدة (أكبر قوة داخل الكوكب) بكونها تدخلت في الانتخابات الرئاسية التي أوصلت "ترامب" وتتحكم بالسياسة الداخلية والخارجية الأمريكيّة.
مؤشر أقوى الجيوش يأخذ بالمساحة الجغرافية وعدد القوات المقاتلة، وعدد القوات المسلحة، وكمية المعدات الموجودة، والصناعات المحلية. إذ كيف يمكن لدولة تعتمد على قواعد عسكرية لحماياتها أنّ تصبح قوة عالمية عسكرياً؟! حتى لو أنشأت قواعد عسكرية في الخارج، وامتلكت أحدث الأسلحة. ففي حال نشوء حرب فالتفوق الجوي والسلاح الحديث لا يغني عن عمليات برية تحتاج عشرات الآلاف من المقاتلين وربما مئات الآلاف.
وضع الجيش الإماراتي
الإمارات أُمة من مليون مواطن (تقريباً)، وقرابة (7) ملايين وافد جاؤوا للعمل في البلاد، تعداد قوات الجيش الإماراتي (64) ألف فرد، تدعم الدولة وتمول في جنوب اليمن أكثر من نصف هذا العدد، المساحة الإجمالية للدولة صغير جداً مقارنة بالدول الأخرى، وهو جيّد للمراقبة الأمنية لكنه ليس جيد للحروب الخارجية.
في حال اندلعت حرب مع دولة معادية، مع أنه احتمال ضعيف لكن الاستراتيجيات العسكرية تأخذه بالحسبان، فإن الوافدين سيغادرون سيقاتل الإماراتيون فقط على أرضهم، هؤلاء المواطنون الذين باتت السلطات تنظر إليهم كعبء مقابل ما يقدمه الوافدين من أموال وتحسين للتجارة والصورة.
تنفق الدولة مليارات الدولارات سنوياً، في موازنة غير معلومة التفاصيل، وتستضيف معارض بيع الأسلحة الأرقى في العالم بشكل دوري. وتشتري وتناضل للحصول على تقنيات التسلح الجديدة.
مع ذلك فإن الدولة تتدهور من عام الآخر في مؤشر أقوى الجيوش، في عام 2013 كان ترتيب الدولة (42) عالمياً، وفي 2014 حلت الدولة في المرتبة (50)، وعام 2015 في المرتبة (58)، وعام 2016 في المرتبة (60) وفي عام 2017 بنفس المرتبة وهذا العام في المرتبة (65) عالمياً.
بمعنى أنّ الدولة تراجعت بشكل مخيف ومقلق، خلال خمس سنوات (23) درجة، بالرغم من أنّ الدولة تملك قواعد عسكرية في اليمن وارتيريا والصومال، وليبيا، وتشارك ضمن قوات حفظ السلام، إلى جانب وجود قوات في أفغانستان ومالي.
إنّ جنود الدولة البواسل الذين يدفعون دمائهم من أجل رفع رايات الدولة في أي مكان في العالم هم فخر واعتزاز كل الإماراتيين. فالدفاع من أجل شرف ما بعده شرف، وقِتال من يهددون الدولة واجب "ديني" و"وطني"؛ لذلك تحتاج الدولة إلى المزيد من الحِكمة في استراتيجية المواجهة العسكرية خارج أراضي الدولة، فحسب الدستور، فجيش الدولة تم بناءه للدفاع عن الإمارات، ولم يكن للهجوم.