"مراسلون بلا حدود": الإمارات تواصل تراجعها بـ9 درجات على مؤشر حرية الصحافة لعام 2018

"مراسلون بلا حدود": الإمارات تواصل تراجعها بـ9 درجات على مؤشر حرية الصحافة لعام 2018

تواصل الإمارات تراجعها على مؤشر حرية الصحافة رغم السعي الرسمي للترويج لصورة مثالية عن واقع الحريات في الدولة، حيث يظهر تقرير منظمة مراسلون بلا حدود الأربعاء حول مؤشر حرية الصحافة لعام 2018 الذي يقيس أوضاع الصحافة في 180 بلدا حول العالم، إلى تراجع الإمارات إلى المرتبة 128 من أصل 180 بعد أن كانت في المرتبة 119 العام الماضي.

 

 وأشار التقرير إلى تزايد "العداء" للصحافيين، و قال إن كراهية القادة السياسيين للإعلام  وأن ما وصفه التقرير بـ "فوبيا وسائل الإعلام" واضحة جدا لدرجة أن الصحافيين يواجهون بشكل روتيني بتهم متعلقة بالإرهاب، وحيث يتعرض الذين لا يظهرون الولاء للأنظمة للسجن التعسفي.

 

وأشار التقرير إلى التشريعات التي أصدرتها السلطات في الإمارات لتقييد حرية الرأي والتعبير والذي كانت من نتائجه اعتقال الحقوقي والصحافي أحمد منصور واحتجازه بمعزل عن العالم الخارجي بتهمة نشر "معلومات كاذبة، وشائعات وأكاذيب" من شأنها الإضرار بسمعة دولة الإمارات.

وقال التقرير إن حكومات المنطقة أدركت أهمية الفضاء الإلكتروني في نشر المعلومة، وراحت تقر قوانين لإسكات الصحافيين.

 

وينص القانون في الإمارات علىعقوبات بالسجن وغرامات مالية كبيرة بحق كل من ينتقد سياسة الدولة أو يطالب بإصلاحات عبر الإنترنت، وهو الانتقادالذي يطلقه ناشطون حقوقيون، أشاروا إلى أن الرقابة المفروضة من قبل السلطات الإماراتية على شبكة الإنترنت والصحافة تضاعفت، كما أنها كثفت جهودها لإسكات المعارضين، والحد من حقهم في حرية التعبير.

 

وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» استنكرت اعتقال الحقوقي الإماراتي «أحمد منصور»، المعتقل لدى السلطات الإماراتية منذ مارس/آزار الماضي، فيما رشحته لاحقاً للحصول على جائزة «حرية الصحافة» لعام 2017.

 

 

وأوضحت المنظمة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جاءت في مؤخرة القائمة، مشيرة إلى أن النزاعات المسلحة، والاتهامات بالإرهاب التي تلاحق الصحافيين المستقلين ووسائل الإعلام، وتزايد الرقابة بشكل عام، وعلى الإنترنت تجعل ممارسة الصحافة أمرا خطيرا للغاية.

أدانت منظمة مراسلون بلا حدود، الإجراءات التي استهدفت اثنين من الصحفيين السويسريين في أبوظبي باحتجازهم 50 ساعة؛ وقالت إنَّ ذلك ينمّ عن توجس مفرط حيال وسائل الإعلام الراغبة في تغطية مواضيع حساسة.

 

وقالت المنظمة في بيان، إنها تدين ما وصفتها بـ "الإجراءات غير المتناسبة التي عُومل بها صحفيَان سويسريَان في الإمارات العربية المتحدة، حيث أُخضعا لاستجواب مطوَّل ووُضعا في الحبس الإنفرادي لأكثر من 50 ساعة بعد اعتقالهما على خلفية تحقيق بمناسبة افتتاح متحف اللوفر أبو أبوظبي.

 

تراجع مستمر للحريات

 

كما كانت المؤشر، الصادر عن مؤسسة فريدوم هاوس، الذي يقيس مستوى الحرية لـ195 دولة حول العالم سنويا، صنف الإمارات مؤخراً في نطاق أسوأ 10 دول في العالم وفقا للمؤشر العالمي للحريات 2017.

وبحسب المؤشر، سجلت الإمارات 20 نقطة فقط من أصل 100 نقطة، حيث اعتبر ناشطون تصنيف المؤسسة يعني أن الصحافة والإنترنت في الإمارات غير حرة.

 

كماتراجعت الإمارات العربية المتحدة، مجدداً، في مؤشر "حرية الإنترنت" العام الماضي، حسب التقرير السنوي الصادر عن منظمة "فريدوم هاوس" والذي يشمل قياس حرية الإنترنت في 100 دولة.

وحسب تقرير المنظمة فإن الإمارات جاءت في المرتبة (69) وهي مرتبة متدنية للغاية، وتراجعت الإمارات درجة واحدة في كل مرة منذ عام 2013م.

 

وأشار التقرير في حالة الإمارات، إلى انعدام حرية الصحافة في الدولة. موضحاً أنه وخلال العام الماضي قامت الدولة في أعقاب أزمة دبلوماسية مع قطر، بإغلاق العديد من المواقع الإخبارية المملوكة للدوحة إلى جانب المواقع التي تعتبرها تشجع "جماعة الإخوان المسلمين" المحظورة.

 

وبالعودة إلى التقريرالذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود احتلت النرويج قائمة التقرير، وجاءت السويد في المرتبة الثانية، وهولندا (3) وفنلندا (4) وسويسرا (5)، فيما تذيلت كوريا الشمالية الترتيب (180).

 

وأشارت المنظمة في تحليل لبياناتها إلى أن روسيا (148) التي خنقت الأصوات المستقلة في الداخل، تقوم بتوسيع نطاق شبكتها الدعائية، أما الصين (176) التي تحكم قبضتها على الإعلام وتداول المعلومات، فتقوم بتصدير هذا النموذج في آسيا.

جدير بالذكر أن الدول التي تقع في مؤخرة التقرير (ترتيب أعلى من 159) صنفت باعتبارها دولا تواجه حرية الصحافة فيها أوضاعا "سيئة جدا".

 

واقع سيء لحرية الصحافة في العالم العربي

 

و قالت المنظمة إن الحرب على الإرهاب التي تشنها مصر ( المرتبة 161) أصبحت السلاح الأساسي للنظام في ملاحقة الصحافيين، مشيرة إلى أن جميع وسائل الإعلام المستقلة والصحافيين معرضون للاتهام بالإرهاب. وقالت إن مصر تسجن حاليا أكثر من 30 صحافيا، والاتهامات التي تواجههم غالبا ما تكون غامضة، كتهم الانتماء إلى جماعة إرهابية أو نشر أخبار كاذبة.

 

وقالت المنظمة إن بعض الصحافيين تم احتجازهم مؤقتا خلال العامين الماضيين. وأضافت أن المصور الصحافي محمود أبو زيد المعروف باسم (شوكان) يقبع في السجن منذ عام 2013 وهو الآن واحد من أكثر من 700 طلبت النيابة تطبيق عقوبة الإعدام بحقهم.

أما في سوريا ( المرتبة 177) أشار التقرير إلى أنه قتل فيها 13 صحافيا في 2017، فيما اعتقل أو اختطف أو اختفى أكثر من 40 صحافيا على أراضيها، ما جعلها واحدة من أخطر دول العالم للإعلام، وجاءت في مؤخرة دول المنطقة في مؤشر هذا العام.

 

كما وصف التقرير أوضاع الصحافيين في اليمن ( المرتبة 167)  بأنها سيئة للغاية، وينظر إليهم بنوع من الريبة، سواء باعتبارهم يعملون لصالح الحكومة والجهات الداعمة لها، أو لصالح الحوثيين، ونتيجة لذلك فإنهم عرضة للاعتداءات أو الاعتقالات أو السجن أو القتل من قبل الجهات المتناحرة.

 

وفي العراق ( المرتبة 160)  اعتبر التقرير أنه الصحفيين يعانون من أوضاع مشابهة، حسب المنظمة، وقالت إن العديد من وسائل الإعلام أجبرت على الإغلاق وتعرض صحافيون لاعتداءات جسدية، وزعم بعض الصحافيين استهدافهم من قبل سياسيين وجماعات مسلحة متورطة في الفساد. والصحافيون في إقليم كردستان، بحسب التقرير، تأثروا سلبا بالتوترات التي واكبت عملية الاستفتاء على الاستقلال والتظاهرات.

 

وحول السعودية (المرتبة 169) ا قالت المنظمة إن وعود ولي العهد محمد بن سلمان الإصلاحية لم تترجم إلى تحسن في أوضاع حرية الصحافة، فالعشرات من الناشطين والمعارضين للحكومة والصحافيين اعتقلوا في 2017

.

كما قالت المنظمة إن البحرين (المرتبة 166) تستخدم الإرهاب ذريعة لاحتجاز الصحافيين الذين نشروا معلومات كانت السلطات لا تريد نشرها، وأشارت إلى حالتي المصور أحمد الموسوي الذي غطى احتجاجات المعارضة ويقضي عقوبة السجن 10 أعوام بعد إدانته بتقديم الدعم لإرهابيين، والناشط الحقوقي نبيل رجب الذي حكم عليه بالسجن خمسة أعوام بسبب تغريدات له تنتقد "التعذيب" في البحرين والتدخل العسكري في اليمن.

 

وفي تونس  ( المرتبة 97) اعتبر التقرير أن الصحافيين التونسيين والأجانب عرضة للمضايقات خلال تغطياتهم الصحافية، وتشير المنظمة إلى أن الشرطة اعتدت على الصحافي حمدي السويسي خلال تغطيته تظاهرة، وتم استجوابه ومصادرة معدات العمل الصحافي لديه.

 

و حققّت تونس قفزة ب 29 رتبة في سنة لتحتلّ  المركز 97 من بين 180 بلدا، حيث كانت تونس في المرتبة 164 في سنة 2010 قبل سقوط نظام بن علي من ثم 133 في 2012 و 126 في 2015.

 

وفي ليبيا ( المرتبة 162) يرى التقرير أن العمل الصحافي فيها محفوف بالمخاطر، ووصفتها المنظمة بأنها واحدة من أخطر دول العالم، وأن الصحافيين ووسائل الإعلام هناك يتعرضون لمضايقات من الأطراف المتناحرة، وقد رصدت 332 حالة عنف وإساءة معاملة تعرض لها صحافيون منذ الانتفاضة ضد معمر القذافي في 2011، وغالبيتها مرت من دون عقاب. وجهت المنظمة انتقادات للسلطات الليبية، قائلة إنها لم تتخذ خطوات لتوفير الحماية للعاملين في الإعلام، وغالبا يصبح المنفى الاختيار الأفضل للعاملين في هذا الحقل.

 

أما في المغرب (المرتبة 135) بينت تظاهرات "الحراك" مدى الصعوبات التي يتعرض لها الصحافيون المغاربة والأجانب في محاولة تغطية أي مواضيع تعتبر من المحرمات، وتم اعتقال 14 صحافيا خلال ملاحقات أمنية في الفترة من أيار/مايو إلى تموز/يوليو 2017، وتم ترحيل العديد من الصحافيين الأجانب.

 

كما أشار التقرير إلى وجود العديد من الخطوط الحمراء في الجزائر ( المرتبة 136)، وتطرق الصحافي لمواضيع مثل الفساد أو صحة الرئيس يجعله عرضة للتهديدات والمضايقات الإلكترونية والاعتقال. وتستخدم السلطات سلاح الضغط المالي والسياسي على وسائل الإعلام، فضلا عن مقاضاتها. وأشار التقرير إلى حالة الصحافية حدة حزام مديرة صحيفة الفجر، التي أضربت عن الطعام احتجاجا على المضايقات التي تتعرض لها الصحيفة.

 

أما في إيران (المرتبة 164) يجد الصحافيون صعوبة في تجاوز الرقابة، وقالت المنظمة إن النظام في طهران يخشى تداول الأخبار والمعلومات بحرية، ويصورها باعتبارها محاولة "للتخريب". وقالت إن خضوع وسائل الإعلام التقليدية للسيطرة المحكمة من النظام، جعل الصحافيين على شبكات التواصل الاجتماعي "في قلب الكفاح من أجل حرية المعلومات والتغيير السياسي في إيران" لكن "محاولة منع النظام من التعتيم على المعلومات لا تخلو من المخاطر"، بحسب "مراسلون بلا حدود" التي قالت إن إيران لا تزال واحدة من أكثر الدول التي تسجن الصحافيين في العالم، حيث تحتجز حاليا حوالي 20 سجينا.

 

ينشر التصنيف العالمي لحرية الصحافة سنويّا منذ 2002 بمبادرة من مراسلون بلا حدود و هو يمكّن من قياس درجة الحرية التي يتمتع بها الصحفيون في 180 بلدا و ذلك بفضل مجموعة من المؤشرات ( التعدّديّة، استقلاليّة وسائل الاعلام، محيط العمل، القوانين، الشفافية، البنية التحتية، الاعتداءات).

الكاتب