أبوظبي جنّدت مقاتلين أفارقة للقتال في اليمن

أبوظبي جنّدت مقاتلين أفارقة للقتال في اليمن

تحت ستار العمل بشركات «أمنية إماراتية»، وبعروض مالية مغرية، تجند أبوظبي أبناء القبائل العربية بوسط أفريقيا، من أجل المشاركة في حرب اليمن، المستعرة منذ أكثر من 3 سنوات، دون أفق واضح لإنهائها.

ونشر موقع "هافغنتون بوست باللغة العربية " تقريراً تناول فيه قيام دولة الإمارات بتجنيد بعض الأفارقة للقتال ضمن قواتها الموجودة باليمن مقابل الحصول على المال والجنسية الإماراتية.

وقال التقرير إن حكومة أبوظبي استغلت الحالة المادية السيئة لعائلات تعيش في حي "كامبوالطيولي" بمدينة سبها، جنوب ليبيا، وتنتمي إلى قبائل التبو والطوارق المنتشرة في تشاد والنيجر، للزج بهم في أتون الحرب اليمنية.

ووفق التقرير، فإن شباب أغلب هذه القبائل يعيشون على الرعي وتجارة التهريب على الحدود الجنوبية، وخاصة السجائر والمهاجرين غير الشرعيين الحالمين بالسفر إلى أوروبا.

ومنذ اندلاع الحرب اليمنية عام 2014، تلقى هؤلاء الشباب عروض عمل من شركات أمن إماراتية بتعويضات تتراوح ما بين 900 دولار و3000 دولار، إضافة إلى الحصول على الجنسية الإماراتية.
10
آلاف شاب، على الأقل من بين هذه القبائل، تم تجنيدهم خلال الفترة الأخيرة، بعدما انكشف دور رجال الأعمال الإماراتيين في يناير/كانون الثاني 2018، في زيارتهم للنيجر.

مصادر مقربة من عائلات المجندين، الذين سافروا إلى الإمارات مؤخرا، قالت إن أبوظبي اتجهت مؤخراً لتجنيد أبناء القبائل العربية التشادية والنيجيرية، وإلباسهم الزي العسكري الإماراتي، ثم توزيعهم على جبهات القتال في اليمن على أساس أنهم عناصر من الجيش الإماراتي، وقبل ذلك توظيفهم وتدريبهم في شركات أمن خاصة.

وتقول عائلات المجندين إن أبناءها يتم خداعهم عبر إقناعهم بأنهم ذاهبون إلى الإمارات للعمل في الشركات الأمنية الموجودة هناك بمبالغ وامتيازات خرافية، وحين وصولهم يتم أخذهم وإرسالهم إلى الجبهات الساخنة مع الحوثيين كجنود إماراتيين.

وبعد اكتشاف هذا الأمر، بحسب مصادر العائلات، أصبحت الإمارات تعتمد على وكلاء في التجنيد، منهم شخصية دبلوماسية تشادية، سافرت مؤخرا إلى النيجر لإقناع القبائل العربية هناك، عبر مفاوضات مباشرة، بإلحاق أبنائها بالجيش الإماراتي مقابل امتيازات مالية.

مواصفات معينة يختارها الوسطاء في المجندين، على رأسها ضرورة أن ينتموا إلى قبائل التشاديين العرب الرعاة، الذين يمكن من سحنتهم أن يتحولوا إلى إماراتيين، وخاصة على الحدود الليبية في مدينة سبها جنوبا، التي تقطنها العديد من قبائل الرحل العرب المتنقلين بين النيجر والتشاد.

 

ويعرض الوسطاء على الشباب إما عقود عمل في شركات الحراسة ليجدوا أنفسهم بساحات الحرب في النهاية، وإما مبالغ مالية تصل إلى 3 آلاف دولار، تعرض عليهم مباشرةً إذا ما قبلوا الذهاب إلى القتال في اليمن.

وفي مقابل ذلك، انطلقت حملة وسط الناشطين التشاديين على الإنترنت، تحذر الشباب من العمل لصالح الإمارات، أبرزها فيديو للناشط «محمد زين إبراهيم»، حذر فيه الشباب التشادي والنيجري من عروض العمل تلك.

وفي الفيديو، قال «إبراهيم»، إن عقود العمل هذه ما هي إلا تجنيد للمشاركة في حرب اليمن ومقاتلة شعبها العربي والمسلم من أجل دولارات بخسة».

وأضاف أن «عرب الخليج، خاصة الإمارات والسعودية، لم يكلفوا أنفسهم يوماً عناء التعرف على عرب الصحراء، واليوم يدعونهم لنصرتهم والقتال إلى جانبهم في اليمن».

و«زين إبراهيم»، ناشط تشادي بارز، اعتاد في صفحته على «فيسبوك»، أن ينشر مقاطع فيديو تتناول قضايا تمس الشباب التشادي الناطق باللغة العربية.

«إبراهيم»، أضاف أن دوافعه لعمل هذا الفيديو جاءت من كونه يملك معلومات موثقة عن عمليات تجنيد تستهدف القبائل العربية في تشاد، وتشرف عليها جهات رسمية تتكسب منها مع تجار البشر.

وتابع أنه اكتشف ما سماه «المؤامرة»، إثر عودة دفعة من «المغرَّر بهم من التشاديين الذين أُرسلوا إلى الإمارات بعد أن تم خداعهم»، فعقود عملهم موضح فيها أنهم ذاهبون لحراسة آبار النفط والمباني الحيوية هناك مقابل مبالغ طائلة، وعندما تم عرضهم على الإماراتيين طلبوا إعادتهم إلى تشاد وجنوب ليبيا؛ لأنهم ليسوا بالمواصفات التي تريدها الإمارات.

وبالنسبة إلى «إبرهيم»، فإن حرب اليمن، التي كانت تظنها الإمارات والسعودية نزهة عسكرية، تحولت إلى «حرب استنزاف، ومستنقع يصعب عليهما الخروج منه بأقل الخسائر العسكرية»، خاصة مع رفض أغلب الدول المنضوية في التحالف العربي مشاركتهما القتال براً واختيار المشاركة رمزياً.

أما الناشط الحقوقي التشادي «شريف جاكو»، المقيم في باريس، أكد هذه المعلومات، وقال: «لديَّ معلومة بأن الإمارات استطاعت، عبر وكلاء من رجال الأعمال الأفارقة المقيمين بالخليج، تجنيد أكثر من 150 شاباً تشادياً من الجالية المقيمة بمدينة سبها (جنوب ليبيا)، والذين يتحدثون العربية بطلاقة، وملامحهم تشبه إلى حد كبيرٍ، ملامح الإماراتيين».

«جاكو»، أضاف أن المجندين تم الزج بهم في حرب اليمن، وأنه كناشط حقوقي يتابع هذه القضية من مدة، معتبرا أن ما تقوم به الإمارات يندرج في إطار «الرق والإتجار بالبشر».

 

وطالب الناشط الحقوقي، المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لمنع هذه «الجريمة المروعة، القائمة على استغلال الفقراء وزجّهم في حروب دموية ليموتوا لصالح الأغنياء»، ويؤكد أنه يتوفر على ملفات موثقة لشباب تم «خداعهم والتغرير بهم وزجّهم في المناطق الساخنة باليمن ليموتوا».

وتعيش في كل من تشاد والنيجر قبائل عربية كبيرة، مشتركة مع ليبيا والسودان، تقدَّر نسبتها في تشاد بـ40%، وفي النيجر بـ20%.

ورغم ذلك، فإن الدولتين خارج جامعة الدول العربية، رغم أن تشاد، على سبيل المثال، ينص دستورها على أن اللغة العربية لغة رسمية إلى جانب الفرنسية.

يشار إلى أن الإمارات، كانت قد خصصت لتشاد 150 مليون دولار في مؤتمر المانحين، الذي أقيم بباريس، قبل أشهر قليلة، مكافئةً لها على قطع العلاقات مع قطر.

وتقاتل الإمارات ضمن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وبدأت مؤخراً بدعم الانفصاليين الجنوبيين الذين يقاتلون الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف.

وبعد طول زمن الحرب في اليمن وتفاقم الخسائر البشرية خاصة، اتجهت أبوظبي للتجنيد وسط الدول الأفريقية الفقيرة، وخصوصاً تلك التي أظهرت تعاوناً معها في أزمتها مع قطر، وعلى رأسها تشاد والنيجر.

وكان مسؤول رفيع المستوى بجهاز الهجرة غير الشرعية في ليبيا زعم  وجود دلائل تشير إلى تورط الإمارات في دعم وتمويل تجارة البشر التي تشمل المهاجرين الأفارقة المارين في ليبيا.

وأشار المسؤول الليبي إلى وثائق  ومن بينها اتصالات هاتفية تم اعتراضها تثبت وقوف سلطة أبوظبي وراء تشجيع ودعم أسماء خطرة يعملون كمهربي بشر، من بينهم رجل يدعى (كحاس) من بلدة (عدي خالا)، وآخر يدعى أبو حمدي، يعيش في كسلا، و ثالث اسمه (ودي تولدي)، وهو إثيوبي"، مؤكدا أن "الأسماء الرئيسية لديهم تصل إلى 11 مهربا خطرا يتنقلون ما بين إثيوبيا وليبيا، ومنهم من ينشط في سيناء بمصر أيضا

الكاتب